التقنية الجديدة تتيح لمرضى القلب إجراء 4 عمليات في آنٍ واحد بأدنى مستويات التدخل الجراحي
21 أكتوبر 2019: تُمثل المفاهيم الرقمية والابتكار والتكنولوجيا الحديثة ثلاثة عناوين رئيسية تتصدر أبرز التوجهات العالمية في مجال الرعاية الصحية، ونجح عدد من الأطباء البارزين ضمن هذا الإطار في تقديم ابتكارات طبية رائدة وجديرة بالاهتمام فعلاً. ويُعتبر الدكتور توفان بهرامي، استشاري وجراح أمراض القلب في ’مستشفى رويال برومبتون وهارفيلد التخصصي‘، أحد هؤلاء الرواد. حيث تعاون مع فريق ’مستشفى هيرفيلد‘ لتطوير تقنيةٍ مبتكرة تُتيح لمرضى القلب ذوي الحالات المعقدة تقليل الوقت المستغرق في العمليات الجراحية والتعافي بشكل أسرع.
تقنيةٌ ثوريةٌ تختصر الحاجة لإجراء عدة عمليات جراحية لمرضى القلب
وصل عدد المُصابين بأمراض القب والأوعية الدموية في المنطقة إلى مستويات خطيرة بالنسبة للعائلات والأفراد وحتى الحكومات، إذ يترافق تطور مشاكل القلب مع ارتفاع المخاطر المرتبطة بحدوث مُضاعفات ومشاكل قد تؤثر سلباً على وظائف مُتعددة للقلب، مما يعني تعرّض المُصابين بأمراض القلب لحالات متزايدة التعقيد تتطلب توفر رعاية صحية متخصصة.
وقد نجح الدكتور بهرامي في ابتكار طريقة ثورية لعلاج مرضى القلب الذين يحتاجون لإجراء عمليات جراحية مُتعددة؛ حيث يمكن للمرضى الذين يعانون من مشاكل قلبية تُهدد حياتهم إجراء ما يصل إلى 4 عمليات جراحية عبر عملية واحدة باستخدام تقنياتٍ تتطلّب الحد الأدنى من التدخل الجراحي.
وفي حديثه عن التقنية الجديدة، قال الدكتور توفان بهرامي: “نجحنا في تطوير تقنية ثورية تتيح إجراء 4 جراحات قلبيّة في آنٍ واحد، بما في ذلك إصلاح الصمام التاجي، والصمام ثلاثي الشرفات، والاستئصال الموضعي، وإغلاق مُلحق الأذين الأيسر؛ وهو ما يضمن للمريض وقتاً أسرع للشفاء دون الحاجة للخضوع لعدة عمليات جراحية”.
وينطوي هذا الإجراء على فوائد كبيرة للغاية بالنسبة لآلاف الأشخاص الذين يتعرضون سنوياً إلى مشاكل قلبية متعددة، مثل الحالات الخطرة لارتفاع ضغط الدم أو السكتة الدماغية أو عدم انتظام ضربات القلب؛ حيث تسهم التقنية الجديدة في تقليل الحاجة للخضوع لعملياتٍ جراحية مُنفصلة، مما يُخفف بالتالي آلام المرضى وانشغالهم بالمرض في حياتهم اليومية، ويسمح بعودتهم إلى عائلاتهم وهواياتهم وأعمالهم بسرعةٍ أكبر، بدلاً من إجراء عملية قلب أخرى خلال فترة زمنية قصيرة.
وأضاف الدكتور بهرامي: “يتم إجراء العملية الجراحية وفقاً لحالة المريض بدون استخدام مضخة لضمان استمرارية نبض القلب، أو الاستعانة بآلة لتغيير الشرايين مع إيقاف القلب لمدة 10 دقائق فقط بالمقارنة مع 30 دقيقة تستغرقها في الجراحات التقليدية”.
مركز التميز
عند استخدام هذا الإجراء، يقوم الدكتور بهرامي بالوصول لعضلة القلب عن طريق إنشاء مجموعة صغيرة جداً من الندوب، بدلاً من استخدام المبضع الجراحي التقليدي الذي يتسبب بشق جرحٍ كبير في عظم الصدر.
تختلف الأدوات المستخدمة في العمليات الجراحية بمساعدة الفيديو عن الطرق المُتبعة في الجراحات التقليدية، كما أنها تستغرق سنواتٍ طويلة من التدريب لتطوير المهارات اللازمة. وتمتاز التقنية الجديدة بتطوّرها ودقتها الفائقة؛ حيث تعتمد على مساعدة الفيديو، باستخدام كاميرا متطورة ثلاثية الأبعاد وشاشة عرض كبيرة عالية الدقة، مما يوفر رؤية واضحة للغاية داخل الجسم، بدلاً من الاعتماد على الرؤية المباشرة التي تتطلب منفذ وصولٍ أكبر. ويمكن الوصول إلى الصمام الأبهري، الذي يحمل الدم الغني بالأكسجين لضخه في الجسم، باستخدام منظارٍ مزوّد بثلاثة ثقوب صغيرة، يكون أولها مخصصاً للكاميرا، والآخر لوضع المشبك على الشريان الأبهر، وآخر لفتح الصمام”.
وأضاف الدكتور بهرامي: “نقوم كل أسبوع بإجراء عمليتين من هذه الجراحات على الأقل، وقد اكتسبنا خبرة واسعة ومهارات عالية بعد استخدام التقنية الجديدة مرات متعددة في العمليات الجراحية، ولم أسمع مسبقاً بأن مريضاً تمكن من إصلاح الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرفات وإجراء استئصال موضعي من خلال عملية جراحية واحدة، حيث يخضع المريض في العادة لعلاج الصمام التاجي أولاً، وتبقى الأجزاء الأخرى دون معالجة”.
ويتوفر في المملكة المتحدة عديد قليل جداً من المستشفيات الأخرى التي تُجري عمليات جراحة الصمام التاجي باستخدام تقنية تتيح إجراء شقٍ بحجم ثُقب المفتاح، وقلةٌ هم الأطباء القادرون على علاج مشاكل قلبية متعددة في عملية جراحية واحدة باستخدام تقنية المناظير، كما هو الحال في مستشفى هيرفيلد.
وأوضح بهرامي: “قمنا منذ عام 2001 بإجراء عمليات جراحية للقلب اعتماداً على الحد الأدنى من التدخل الجراحي؛ ويرتكز برنامجنا الجراحي الذي نُقدّمه اليوم على خبرةٍ طويلة لا تقل عن 15 عاماً”.
التعافي بوتيرة أسرع
يستغرق إجراء العملية باستخدام التقنية الجديدة حوالي ثلاث ساعات، ويبقى المريض في المستشفى بغرض التعافي لمدة تتراوح بين 5-7 أيام في العادة.
وتعليقاً على المُقارنة بين العمليات الجراحية التي تتطلّب الحد الأدنى من التدخل الجراحي، ونهج المبضع الجراحي التقليدي، قال الدكتور بهرامي: “إن مدة الإقامة في المستشفى بشكل عام هي نفسها، ولكن يمكن اكتشاف الفرق الإيجابي والملموس بوضوح لاحقاً. وتضمن التقنية الجديدة الحفاظ على سلامة الصدر، وبالتالي يكون الشفاء أسرع بكثير مقارنة بالجراحة التقليدية، حيث أن العمليات باستخدام المبضع الجراحي التقليدي تتطلّب توفير الرعاية والعناية للمرضى لمدة تتراوح بين 2-3 أشهر، وغالباً لا يمكنهم العودة للعمل أو قيادة السيارة قبل 8 أسابيع على الأقل من الخضوع لها، ناهيك عن أن وتيرة التعافي تكون بطيئة للغاية”.
ويؤكد الدكتور بهرامي أن المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة قد يُضطرون لقضاء عدة أشهر في المستشفى بعد إجراء العملية الجراحية التقليدية، ولكن التقنية الجديدة تضمن لهم تعافياً سريعاً لأنها تتطلب الحد الأدنى من التدخل الجراحي؛ ويمكن للمريض بعدها العودة لمنزله بعد فترة أقصر، والتعافي بسرعة أكبر في غضون ثلاثة أيام. كما تسهم التقنية الجديدة في تحسين الأعراض المُصاحبة للمرضى ونوعية حياتهم عن طريق إصلاح 4 مشكلاتٍ قلبية دفعةً واحدة، تشمل إصلاح الصمام التاجي، والصمام ثلاثي الشرفات، والاستئصال الموضعي، وإغلاق مُلحق الأذين الأيسر.
فريق طبي عالي الكفاءة
ينفرد ’مستشفى رويال برومبتون وهارفيلد التخصصي‘ بتوفير هذه التقنية الثورية للمرضى بفضل سنوات طويلة من الابتكارات والخبرات التي قدمها الباحثون والأطباء في مستشفى رويال برومبتون وهارفيلد التخصصي، ومن ضمنهم الدكتور بهرامي.
وفي ذلك أضاف الدكتور بهرامي قائلاً: “تم إعداد فريق عالي التدريب والكفاءة لتشغيل غرفة العمليات بالكامل، بما في ذلك أخصائيي التخدير والممرضين وأخصائيي تروية القلب والجهاز التنفسي، والذين يتمتعون بخبرة كافية في استخدام التقنية الجراحية الجديدة. ونحن لا نعتمد على متخصصٍ واحد لاستخدام التقنية الجديدة، بل نمتلك فريقاً متكاملاً عالي المهارات وعلى استعدادٍ دائم لإجراء العمليات الجراحية. يشيد المرضى غالباً بالتجربة المريحة التي نوفرها لهم، حيث أننا نعتمد دائماً على خطة متكاملة لإجراء العمليات، وقد أجرينا العديد من العمليات الجراحية من هذا النوع”.